صورة المنظمة لدى الجمهور وتحقيق العلامة الاجتماعية البارزة
مع تزايد عدد منظمات المجتمع المدني في مختلف أنحاء العالم، باتت تمثل أهمية اقتصادية و اجتماعية كبيرة، حتى أطلق عليها “القطاع الثالث”، وأصبحت هذه المنظمات بحاجة إلى تحديد هويتها ومجالات عملها، وبناء علامتها التجارية التي تميزها عن غيرها ﻣﻦ المنظمات المنافسة.
تساعد الصورة الذهنية الإيجابية و تكوين العلامة التجارية ﻟﺩﻯ المنظمات غير الربحية بالتموضع بطريقة فعالة في أذهان الجمهور المستفيد و الذي يعني ان تستطيع أن تنافس للحصول على المنح والتمويل اللازم من المؤسسات المانحة والداعمة، و هذا ﻣﺎ سيتم التطرق له و مناقشته بعمق في هذا المقال
تعريف الصورة الذهنية الإيجابية
عرفها روكفلر على انها مجموعة من الإدراكات والانطباعات اﻟﺘﻲ يكونها ويخزنها الأفراد عن شيء ما , ويتم استحضارها نتيجة للتعرض المجموعة من المؤثرات وقد تكون عقلية صادقة أو كاذبة وتختلف من فرد إلى آخر.
ﻛﻤﺎ أنها مجموعة الاستحضارات الذهنية المتعلقة بمؤسسة أو خدمة أو فكرة، و هذه ﺍﻟﺼﻭﺭﺓ العقلانية قد تتكون في أذهان الناس لإدراك شيء أو حدث قابل للبقاء مدة زمنية طويلة يمكن الرجوع إليها عند وقوع مثير ما أو ظهور حادث سابق، ومن خلال معلومات مصدرها مواقف فردية قد تكون إيجابية أو سلبية، وهي تؤثر ﻋﻠﻰ الصورة الشاملة للمنظمة بالسلب أو الإيجاب.
العناصر الرئيسية لخلق العلامة التجارية
1- اسم ﺍﻟﻤﻨﻈﻤﺔ أو شعارها.
2- موظفوها وقادتها.
3- سلعها التي تنتجها، أو خدماتها التي تقدمها.
4- فلسفتها، وسياستها، وقراراتها وتاريخها وإنجازاتها.
5- دورهـا فـي خدمـة المجتمـع ومسـاهماتها فـي الحيـاة العامـة السياسـية و ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ والاقتصاديـة… وغيرهـا.
أهمية ﺘﺸﻜﻴل علامة تجارية ذات ﺻﻮﺭﺓ ذهنية إيجابية
إن لـم تعمل أنـت لتحقيق و بناء صورتـك ﺍﻟﺫﻫﻨﻴﺔ بطريقـة صحيحـة و بارزة، فسـيبنيها جمهـورك بطريقـة
خاطئـة!
إنـه مـن المهـم لـكل ﻣﻨﻈﻤﺔ أن تسـعى لبنـاء الصـورة الذهنيـة المرغوبـة ل ﺠﻤﻬﻭﺭﻫﺎ
الداخلـي والخارجـي، لمـا فـي ذلـك مـن مزايـا عديـدة، فالصـورة الذهنيـة أحـد العوامـل المهمـة
اﻟﱵ تحقق الهدف الرئيسي ﻟﻠﻤﻨﻈﻤﺎت الربحية، وهو در المال والأرباح، وذلك ﻤﻥ خلال كسب
الثقـة والـولاء لعملائها الحالييـن والمتوقعيـن، وبالتالـي تنميـة الرغبـة لديهـم علـى مـدى طويل
فـي اقتنـاء واختيـار خدمـة أو عرض أو منتج خاص بهـذه اﳌﻨﻈﻤﺔ دون غيرهـا.
وينطبـق الأمـر أيضًـا علـى كل مـن الجهـات والأفـراد الذيـن تتعامـل معهـم المنظمة، سـواء كانوا مسـتثمرين أو موزعين أو مورديـن أو غيـر ذلـك، فسـتلعب الصـورة الذهنيـة بالعلامة التجارية للمنظمـة دور ً ا عظيمـا فـي بناء وخلق علاقة طويلة المـدى مـع هـؤلاء الأفـراد والجهـات، الـذي سـينتج عنهـا المزيـد مـن الدعم و التبرعات.
تكتسـب الصـورة الذهنيـة للمنظمـات غيـر الربحيـة أهميـة خاصـة ﻣــن خلال تأثيرهـا فـي الـرأي
العام السائد نحو مختلف الجوانب المتعلقة بالمنظمة، حيث تقوم من خلال تأديتها لوظائفها
الخيريـة والنفسـية واالجتماعيـة بـدور رئيـس فـي تكويـن الـرأي العـام وتوجيهه باعتبارهـا مصـدر
آراء الناس واتجاهاتهم وسـلوكهم. ولذلك من شأنها ان تكتسـب أهمية أكبر في المنظمات غير الربحية نتيجة لاحتـدام المنافسـة بينهـا، فالصـورة الإيجابيـة للمنظمـة تمنحهـا القـوة، وتعـد مرتكـزً ا أساسـيا
للنجـاح، والاسـتمرار، والتوسـع في وقت قصير.
ومن البديهي كنتيجة طبيعية لكسب ولاء اﳉﻤﻬﻮر الداخلي و الخارجي أن تكون خدمات أو منتجات تلك المنظمة خيارهـم الأول، وإن ظهـر منافسـون جـدد يقومـون بتقديـم الميـزات الإضافيـة والعـروض، فمـن
الصعـب كسـر الصـورة الذهنيـة المتشـكلة عـن منظمـة مـا لـدى الجماهيـر. ومـن المعـروف أيضاً
أن الصـورة الذهنيـة لهـا أهميـة كبيـرة فـي رصـد التنبـؤات المسـتقبلية لـدى عمالئهـا وﺠﻤﻬورﻫﺎ،
وبالتالـي توجيـه سـلوكهم بمـا يعـود بالفائـدة علـى المنظمـة وعمالئها فـي آن واحد.
أمـا ﻋن المنظمـات غيـر الربحيـة فالأمـر مشـابه، فبنـاء الصـورة الذهنيـة سـيمنحها فرصـة كبيـرة
لتحقيق أهداف المنظمة و لجلـب مزيـد مـن التمويـل والداعمين والمتعاطفيـن مـع قضاياهـا، وذلـك بالنسـبة للجمهـور الخارجـي، أمـا ﺍﻟﺠﻤﻬﻭﺭ الداخلـي لـكال المنظمتيـن الربحيـة ﺃﻭ غيـر الربحيـة فـإن الصـورة الذهنيـة
تسـاهم فـي الحفـاظ علـى موظفيهـا الأكفـاء وزيـادة ولائهـم، ورغبـة الآخريـن فـي الانضمام إلى
هـذه المنظمـة، ﺒﻤﺎ يسـاهم بطبيعـة الحـال فـي خلق سـمعة جيـدة ﻟﻠﻤﻨﻈﻤﺔ.
وانطالقاً مـن العلاقـة ﺒﻴن مستويات ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻳﺔ و الصـورة الذهنيـة ﻭﺒﻴﻥ تكويـن الـرأي العـام للمجتمـع، فإنـه يتحتـم علـى المنظمـات بكافـة أنواعهـا أن تهتـم بدراسـة الصـورة السـائدة عنها في مختلف طبقات المجتمع، من أجل التمهيد لوضع الإسـتراتيجيات الكفيلة بإيجاد صور ذهنيـة إيجابيـة عـن ﻫﺫﻩ الجهـات، تكفـل وجـود رأي عـام مناصـر لقضاياهـا ومواقفهـا ودعمهـا بشـتى أنـواع الدعـم فـي الظـروف المختلفـة و في أيام قلائل.
مبادئ تكوين الصورة الذهنية الإيجابية للعلامات التجارية
يمكن لسمعة المنظمة أن تت ﺣﻮل بمرور الوقت ﺇﻝﻰ رصيد تسويقي مهم تبنى عليه المكانة اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ والاقتصادية للمؤسسة. ونتيجة لذلك، تجعل منها اسمًا تجاريًا بارزًا في السوق والمجتمع، حيث ان الشركات والعلامات التجارية ذات السمعة الجيدة دائمًا ما تكون أكثر قيمة وأكثر قدرة على ﲢﻘﻴﻖ نتائج عالية ﻓﻲ المجتمع، وبالتالي يمكنها تحقيق قفزات تنموية كبيرة ﲡﺎﻩ أهدافها بواسطة اتباع خطط استراتيجية واضحة. ما يلي أهم الاستراتيجيات لبناء و ﺗﻜﻮﻳﻦ سمعة ﺍﳌﺆﺳﺴﺔ:
1- إنشــاء كيــان إداري مســتقل للعلاقــات العامــة وبنــاء الصــورة الذهنيــة، داخــل الهيــكل
الإداري فــي المنظمــة حتــى تمــارس وظائفهــا بحريــة ومهنيــة، مع ضـرورة تغييـر النظـرة السـلبية للإدارات العليـا تجـاه العلاقـات العامـة بالمنظمـات غيـر الربحيـة، حيـث يتوقـع منهـم النظـر إلـى العلاقـات العامـة نظـرة اهتمـام وتقديـر، يترتـب عليها تكليــف هــذا الجهــاز برعايــة علاقــة منظماتهــم مــع الجماهيــر، ونقــل اتجاهــات ومواقــف الجماهيـر إلـى الإدارة العليـا.
2- التركيز على المسئولية الاجتماعية في ضوء تلبية إحتياجات المجتمع حيث تعتمد سمعة أي مؤسسة على مدى حضورها وحضور اسمها في المجتمع الذي تنشط فيه، لذلك يمكن للأنشطة الاجتماعية التي تساهم فيها المؤسسة أن تكون عاملًا مهمًا لترسيخ صورة إيجابية عنها في أذهان الجمهور والجهات المانحة والمجتمع ككل.
3- التـزام الإدارات العليـا فـي المنظمـة بتطبيـق اختبـارات ومعايير دقيقـة على المتقدمين
لشـغل وظائـف العلاقـات العامـة و التسويق و التغطية الإعلامية و ال إلكترونية و إدارة الصـورة الذهنيـة لضمان اختيـار أفضل العناصر مع ضرورة التأكد من التأهيل العلمي و المهني الخاص بهم بالإطلاع على سجالتهم العلمية و دراستها جيداً لضمان قيامهم بمهتهم على أكمل وجه.
4- كتابة محتوى عالي الجودة خاص ﺑﻬﺎ و تقديمه إلى الجمهور، قد يكون الهدف من هذا المحتوى زيادة معدلات التواصل و التحويل أو زيادة المبيعات أو زيادة الزيارات في حال المواقع والمتاجر الإلكترونية وتطبيقات الويب، ويختلف شكل وطبيعة المحتوى بحسب الهدف من ورائه. على سبيل المثال، محتوى لزيادة المبيعات قد يختلف كليًا ﻋﻥ محتوى الهدف منه تحسين سمعة الشركة في السوق.
5- توفيـر الإدارات العليـا فـي المنظمـات غير الربحيـة و الذي تتضمن كافة الإمكانات المهنية و المادية والميزانيات اللازمة و المضبطة للأقسام المتخصصة للقيام بأنشـطتها بمهارة ومهنية، و التركيز على إبـراز الإيجابيـات ونشـر رسـائل المؤسسـة من خلال اﻟﻌﻤﻞ مع ﻭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻹﻋﻼم المختلفة و الوسائط العامة.
6- ضـرورة العلـم بـأن العمل على بنـاء الصورة الذهنية الإيجابية و القبول المجتمعي للمنظمات غير الربحية هو واجب ضروري لكل الإقسـام و لكل العاملين بالمؤسسة.
7- الحرص على عكس ﺼﻭﺭﺓ صادقــة عــن واقــع المؤسســة، وليــس اﻟ ترويــج لصـورة مخالفـة لحقيقتهـا، وبـذل الجهـود المسـتمرة لكسـب ثقـة الجمهور مـن خـلال الاهتمـام بالأعمـال التـي تحظـى باهتمامـه واحترامـه، مع الإهتمام ب قياس الأثر المستمر بشأن راي الجمهور و إنجازات المؤسسة.
معوقات وتحديات بناء الصورة الذهنية في المنظمات غير الربحية
1- ضعف اهتمام الإدارة العليا بتكوين الصورة الذهنية.
2- عدم اختيار موظفي العلاقات العامة بشكل صحيح بناءاً على معايير ومتطلبات العلاقات العامة والصورة الذهنية.
3- عدم وجود إدارة متخصصة بالعلاقات العامة في بعض المنظمات.
4- ضعف مشاركة العاملين في بناء ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ الذهنية و صناعة القرار.
5- عدم رصد ميزانيات مناسبة لتكوين الصورة الذهنية و العلامة التجارية.
6- عـدم ال استخدام الأمثـل للمـوارد والوسـائل والتقنيـات التي تخدم ﺘﺤﺴﻴﻥ الصـورة الذهنية اﻟﻌﺎﻣﺔ.
7- عدم القدرة على التعامل مع الأزمات التي قد تحدث للمنظمة